مؤسسات المجتمع المدني اللبناني قلقة بشأن تقاعس الحكومة اللبنانية في تسهيل دخول فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري او غير الطوعي، وعدد من المقررين الخاصين في الأمم المتحدة الى لبنان، وما يمكن ان ينتج عنه من انتهاكات وخروقات ابرزها تعهد الحكومة اللبنانية في العام 2011 بتوجيه دعوة مفتوحة لهذا النوع من الزيارات الأممية، وتدعو الدولة اللبنانية الى تحمل مسؤوليتها في هذا الملف وقبول طلبات الزيارة المتكررة بما يتناسب والتزامات لبنان الدولية.
في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 طلب فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري او غير الطوعي زيارة لبنان، وكان من المقرر ان يزور البلاد في النصف الثاني من العام 2016، لكن الحكومة اللبنانية لم تلب هذا الطلب، رغم ان لبنان ملزم باستقبال هذا الوفد كونه وجه دعوة مفتوحة لجميع الفرق الأممية لزيارة البلاد دون شروط، خصوصاً ان الحكومة اللبنانية الحالية، كما سابقاتها، لم تعلن التراجع عن التعهد الذي تقدم به لبنان الى الأمم المتحدة، والذي اعلن فيه قبوله الطوعي بمبدأ “الدعوات المفتوحة” لفرق الامم المتحدة والمقررين الخاصين.
كرر فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري طلبه زيارة لبنان مرات عدة، آخرها في 1 حزيران 2018، ولم يتلق اي جواب من الحكومة اللبنانية. بحسب ما يشير تقرير الفريق الذي عرض امام مجلس حقوق الإنسان في دورته التي عقدت في جنيف في أيلول 2018، الأمر الذي يضع لبنان في موقع المتراجع عن تعهدات سابقة أمام مجلس حقوق الإنسان، وتحديداً التعهدات التي قدمها خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل.
تتمثل إحدى مهام فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري مساعدة الأسر على معرفة مصير أو أماكن وجود أفرادها الذين يُبَلَغ عن اختفائهم. ويقوم الفريق بدور قناة اتصال بين أفراد أسر ضحايا الاختفاء القسري والمصادر الأخرى التي تبلغ عن حالات الاختفاء، من جهة، والحكومات المعنية، من جهة أخرى. ولهذا الغرض، يتلقى البلاغات المقدمة عن حالات الاختفاء من أقارب الأشخاص المختفين أو من منظمات حقوق الإنسان العاملة بالنيابة عنهم ويدرس هذه البلاغات ويحيلها إلى الحكومات، ولقد تلقى هذا الفريق منذ تأسيسه 313 حالة من لبنان.
وكان لبنان قبل في 17 آذار (مارس) عام 2011، عدد من التوصيات التي صدرت خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي جرى في تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومن إحدى هذه التوصيات قبول طلبات زيارات خبراء الأمم المتحدة إلى البلاد عبر دعوة الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة المفتوحة.
تتضمن الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لجنة خبراء مستقلّين يعملون في مجال حقوق الإنسان، يتولون مهمة تقديم التقارير والإستشارات بشأن حالة حقوق الإنسان من منظور مواضيعي أو خاص ببلدان محددة. أمّا نظام الإجراءات الخاصة، فهو عنصر أساس في آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ويغطي جميع حقوق الإنسان المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ويوجد حالياً 44 ولاية مواضيعية و 12 ولاية قطرية خاصة بالبلدان.
استقبل لبنان منذ العام 1998 ثمانية مقررين خاصين يعملون ضمن ما يعرف بالاجراءات الخاصة للامم المتحدة، لكن لبنان لا يزال رافضاً لدخول ثمانية من المقررين الخاصين ولجان وفرق الخبراء في الأمم المتحدة الى الاراضي اللبنانية.
في العام 2012 تقدم الخبير المستقل المعني بآثار الديون الخارجية وما يتصل بها من التزامات مالية دولية أخرى في التمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان، بطلب لزيارة لبنان، لكن الحكومات المتعاقبة لم تستجب لهذا الطلب، ولقد كرر الخبير طلبه زيارة لبنان في 3 آب (أغسطس) 2016، وهو لا يزال ينتظر جواباً حول هذا الطلب المكرر. ويدخل في اختصاص هذا المقرر البحث في آثار الديون الخارجية والسياسات المعتمدة للتصدي لها على التمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان، وبصفة خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ ومعلوم ان الديون الخارجية للبنان فاقت 80 مليار دولار أميركي ما يجعله ضمن القائمة القصيرة للدول المهددة بتأثير الدين الخارجي على حالة حقوق الإنسان في البلاد.
كذلك تقدم في العام 2012 المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان، بطلب لزيارة لبنان، لكن لم يتم الاستجابة لطلبه.
وفي العام 2015 تقدم المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب، بطلب زيارة لبنان، لكن هذه الزيارة لم يتم الموافقة عليها بعد، رغم تكرار الطلب عدة مرات كان آخرها في 22 آذار (مارس) 2016. ويكرس هذا المقرر الخاص اهتماماً خاصاً لأشد السكان ضعفاً، بالنظر إلى أنهم كثيراً ما لا يُسمع صوتهم فيما يتعلق بالسكن، وبالتحديد النساء والأشخاص ذوي الإعاقة والعمال المهاجرين والأشخاص الذين يعيشون في فقر. ومعلوم ان لبنان يعاني من ضغوطات شديدة فيما يتعلق بالسكن اللائق ابرزها أزمة اللاجئين السوريين.
كذلك تقدم في العام 2015 المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين بطلب زيارة الى لبنان، لكن هذه الزيارة لم يتم الموافقة عليها بعد، رغم تكرار الطلب عدة مرات كان آخرها في 2 تشرين الأول (اوكتوبر) 2017. ويحقق هذا المقرر في أية ادعاءات جوهرية تحال إليه ويقدم تقارير. كما يعمل على تحديد وتسجيل الاعتداءات على استقلال القضاء والمحامين وموظفي المحاكم وكذلك ما أحرز من تقدم في حماية وتعزيز استقلالهم، وتقديم توصيات ملموسة تشمل توفير الخدمات الاستشارية أو المساعدة التقنية حين تطلبها الدولة المعنية.
وفي العام 2017 طلب المقرر الخاص المعني بمسألة استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، زيارة لبنان، وكرر طلبه في 21 حزيران (يونيو) 2017. وتشمل ولاية هذا المقرر الخاص في أن “يحدد خصائص وطرائق الارتزاق كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان“.
كذلك تقدم في العام 2017 المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بطلب زيارة الى لبنان، ولم يتم الاستجابة الى هذا الطلب الى الآن. علماً ان لبنان استقبل فرق ولجان معنية بالتعذيب على امتداد السنوات الماضية وخضع للمراجعة امام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وفي العام 2018 طلب المقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، زيارة لبنان، دون ان يلقى جواباً. وينظر هذ المقرر في الحوادث المتعلقة بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري ضد الأفارقة والمنحدرين من أصل أفريقي والعرب والآسيويين والمنحدرين من أصل آسيوي والمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والأشخاص المنتمين إلى الأقليات والشعوب الأصلية، بالإضافة إلى ضحايا آخرين ورد ذكرهم في إعلان وبرنامج عمل ديربان.
إن المنظمات الموقعة على هذه البيان يساورها بالغ القلق ازاء تقاعس الحكومة اللبنانية في تسهيل زيارة لجان الخبراء والمقررين الخاصين في الأمم المتحدة، وضمان حصولهم على جميع المعطيات التي يطلبونها وزيارة جميع المراكز والمناطق التي تساعدهم في التعرف على واقع حقوق الإنسان في لبنان، ضمن الولاية او الموضوع الذي يعملون عليه.
وإذا تؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان على ضرورة تسهيل زيارة جميع لجان الخبراء والمقررين الخاصين في الأمم المتحدة الى لبنان، تطالب الوزارات المعنية، القيام بدورها لجهة التسريع في البت بطلبات الموافقة على هذه الزيارات وتسهيل اجرائها دون ابطاء.
المنظمات الموقّعة
– لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان
– جمعية ألف–تحرك من أجل حقوق الانسان
– شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية
– جمعية المفكرة القانونية
– المركز اللبناني لحقوق الإنسان
– الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات
– مؤسسة الكرامة
– المعهد العربي لحقوق الإنسان – فرع لبنان
– مركز الشراكة للتنمية والديمقراطية
– التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني
– منظمة أبعاد
– جمعية في–مايل
– براود ليبانون
– التجمع للحفاظ على التراث اللبناني
– المجلس النسائي اللبناني
– جميعة النجدة الاجتماعية
– مركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
– حركة السلام الدائم
– المنظمة الفلسطينية لحقوق الانسان (حقوق)
– موزاييك (المنظمة المتخصّصة في تقديم خدمات المدافعة والدمج وبناء القدرات)
– مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب
– مؤسسة عامل الدولية
– تجمع الهيئات الاهلية التطوعية في لبنان
– الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة
– مرصد الاستعراض الدوري الشامل – لبنان
– المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني
– الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا
– المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني
– النجدة الشعبية اللبنانية